
قصة راع الأغنام مع أشجار البن في اليمن …وتاريخ القهوة في الجزائر..تعرفوا عليها !!
تقول الاسطورة، أن راعيًا للغنم جعل أغنامه تستهلك ثمارًا في مكان ما وهو لا يعلم أنّها ثمار البّن، لكنه لاحظ الفرق في نشاط وحيويّة الأغنام عندما ترعى في مكان آخر، وهي واحدة من الروايّات المُتضاربة حول أصل واكتشاف القهوة، وهناك روايّة أخرى في تربط أصل القهوة بالصوفي اليمني غثول أكبر نور الدين أبي الحسن الشاذلي، حيث تقول الأسطورة أنه لاحظ أن الطيور تتمتع بحيويّة غير عاديّة عند تناول تلك الثمار ومن هنا جرى اكتشفاها، فيما تتفق أغلب الروايّات والأساطير أن الموطن الأصلي للقهوة يعود إلى إثيوبيا.
وفي سيّاق هذه الاساطير والروايّات، رفض الرّهبان استعمال ثمار البّن عندما حُملت إليهم، فوُضعت على النّار لتخرج منها رائحة زكيّة أثارت دهشة الرّهبان، ثم جرى سحق حبوب البّن المحمصة بسرعة في الجمر وثم وضعها في الماء الساخن، ليكُون بذلك أول فنجان قهوة في العالم، لتنتشر بعد ذلك القهوة في ربوع العالم، حيث عرفت شجرة البّن في القرن الخامس عشر في الأديرة الصوفيّة باليمن، لتصل إلى بقيّة الشرق الأوسط وبلاد الهند وبلاد فارس وتركيا وشمال افريقيا، بحلول القرن السادس عشر ميلادي، ثم إلى بقيّة دول العالم بمرور الزمن.
تاريخ القهوة في البلاد العربيّة
بعد انتشار القهوة في بلاد اليمن والشام الحجاز وبلاد مصر، وفي سنة 1511 م، حين كان ناظر الحرم الشريف الأمير المملوكي خاير بك، يمر من الكعبة إلى بيته رأى جماعةً ليلة الـ 23 من ربيع الأول يحتفلون بالمولد النبوي الشريف، وجد بين أولئك القوم شرابًا يتعاطونه على هيئة الخمر، فسأل عنه فقيل له، إنّه شراب القهوة يُطبخ من قشر حب من بلاد اليمن يُسمى البّن.
ثم شاع الشراب في البلاد وأصبح يُباع ويُطبخ ويجتمع عليه النّاس، فيبددون الأوقات في اللهو والثرثرة، الأمر الذي أقلق ناظر الحسبة فدعا العلماء والقضاة للنظر في أمر القهوة، على رأسهم القاضي صلاح الدين بن ظهيرة الشافعي وتم تداول القضيّة، فأجمع معشر الفقهاء على التمييز بين القهوة وبين ما يُصاحبها من طقوس ومظاهر.
غير أنّهم فوضوا الأمر لأكبر طبيبين في مكة، الاخوين نور الدين وعلاء الدين الكازروني، للإدلاء برأيهما في القضيّة وتأثيرها على العقل والبدن، رأى الطبيبان أنّ مشروب القهوة يؤثر على البدن المعتدل، عندها أصدر الأمير المملوكي على الحجاز، قرارًا بمنع بيع وتداول القهوة منعا تاماً، غير أنّ الإمام زكريا الأنصاري، بتأثير من بعض فقهاء المالكيّة أحل شراب القهوة، وأيّده في ذلك الشيخ أبو بكر المكي وألّف رسالته الشهيرة “إثارة النخوة بحكم القهوة”.
تاريخ القهوة في الجزائر
حسب شهادة بيار دان، في كتابه تاريخ بلاد البربر وقراصنته، فإن سكان مدينة الجزائر، كانوا يشربون القهوة منذ القرن 16م، في الساحات أو في الطُرُقات العامة، ولم يكن بعد في فضاء مُخصَّص لهذا “الطقس” الذي أصبح يُعرَف في ما بعد، في كتابات المؤرّخين والرحَّالة الأوروبيين “بالمقهى”، فيما تُشير الكثير من الدراسات أن انتشار القهوة في الجزائر، جاء على إثر الاختلاط الثقافي والاجتماعي الذي حصل بين الجزائريين والأتراك بعد أن أصبحت “المحروسة” أيّالة عُثمانية.
يقول جوناثان كورييل في كتابه “هذه الأميركا” السّاعي إلى تأصيل العادات والطّقوس الأمريكيّة، إنّ القهوة دخلت إلى شمال أفريقيا عن طريق العثمانيين، الذّين كانوا يهيمنون عليه، على مدار ثلاثة قرون، إلى غاية مدينة تلمسان غربًا، حيث لم يدخلوا التّراب المغربيّ بحدوده الحالية. وقد وصلت القهوة إلى الأتراك عن طريق مصر، التّي كانت ولاية عثمانيّة، والتي عرفت القهوة، من خلال الطلبة اليمنيّين الوافدين إلى جامع الأزهر.
اشهارات أنواع القهوة في وسائل الإعلام الجزائرية ..مبالغة أم حقيقة!!؟؟
خلال العقديين الماضيين من الألفية الثانية، راجت في الجزائر الكثير من الاشهارات لأنواع القهوة وأجودها حسب زعم ملاكها، وتسابقت وسائل الإعلام لإشاعة هذه الإعلانات، واتخذت لها اسماء تتنافى وتجذر هذه المادة في عمق التاريخ وبعيدًا عن أصالتها، فهذه الإشهارات جاءت نتيجة إدراك الملاك والمسيطرين على سوق القهوة في البلاد، وعلمهم بمدى تأصل ثقافة القهوة لدى العائلات الجزائرية والمجتمعات المحليّة.
نتيجة هذه الاشهارات التي غزت القنوات التلفزيونية الجزائرية، تُطرح الكثير من الأسئلة حول نسبة استهلاك الفرد الجزائري من القهوة، والتي يبدو أنها كبيرة نتيجة الانتشار الواسع للمقاهي بالشوارع الجزائرية، غير أنه لا توجد هناك أرقام رسميّة لمعدل الاستهلاك السنوي من القهوة في الجزائر، غير أن الجزائريون يتفقون على حضور القهوة في جميع المناسبات العائلية.