مساهمات وأراءموضوع ساخن

صلاح أو ‘عجيجو’: مكتبة متنقلة في النباتات الطبيعية و الأعشاب الطبية

لا يمكن تخيل رحلة جبلية دون أن يحضر صديقنا العزيز والودود صلاح حجيج المكنى صلاح “أوعجيجو”، فحقيبته الظهرية هي مطبخ متنقل إذ تحتوي كل الأواني المطلوبة للطهي، والمعدات والمشاوى، والتوابل والأخلاط بما فيها قهوة شيدي، لذا البعض يسميه “صلاح لماعن”.

صلاح طاه ممتاز ويجد لكل مشكلة حل، يعد لك الفلون في الثلج، ويحضر “الحميص” في لمح البصر، فلديه عقل يشتغل وأيد تنفذ، وهو فوق ذلك لطيف وخدوم ومحبوب.

فالبارحة فضل أن يذهب مع الرفاق إلى المقبرة كي يغرس شجرة توت الجبل في قبر والده رحمه الله وقد ارتأى بمحبة أن يشاركه الآخرون في ذلك، ولما سألته لماذا التوت الجبلي قال لي إنها الشجرة التي يحبها والدي.

وهي شجرة تكتسي جميع الألوان بين أخضر و بنفسجي وأحمر قان قبل أن تتعرى تماما وتعيد دورة الألوان تلك، وهي ذات أوراق سميكة تستحث السحب وتجلب الأمطار، لعله كان يريد أن يظل قبر والده مسقيا على مدار الفصول.

حيّرني هذا الشاب الصامت مع أن قلبه لا يتوقف دائما عن التفكير في كل ما حوله، فقد اكتشفت أنه مكتبة متنقلة في الأعشاب والنباتات التي يعرف أسماءها بالشاوية والعربية ويتقن مجالات استعمالها الطبي، وغالبا ما ينصح المرضى بتناول تلك العشبة
أو تلك النبتة مع توصيف دقيق لكيفية الاستعمال بطريقة سهلة وميسرة.

حتى أني فكرت أن يستثمر معارفه في إنشاء مؤسسة لجمع النباتات الطبية والعطرية بمساعدة المصالح الغابية والفلاحية.

في طريق العودة بعد ساعات من المشي والتجوال في غياهب الغابات والجبال والانقطاع التام عن العالم، رن هاتفه فكلمته والدته، قال لي مبتسما، “إن والدتني تطلب مني أن أغرس شجرة توت أخرى في قبر والدي”.

يجبرك هذا الرفيق اللطيف، أن تحب والده ووالدته دون أن تكون لك سابق معرفة بهما.

طاهر حليسي

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *