تربية الحيوانات

خالتي عقيلة…عجوز في الستين ترفض التقاعد من هواية تربية النحل بسكيكدة

زارها / إسلام بوشليق
” لا أتصور حياتي بعيدا عن النحل وسر سعادتي رغم تعاسة الظروف في العسل الذي أقدمه هدية للمرضى”؟؟
تواصل العجوز عقيلة، التي ناهزت 61 سنة من عمرها، والقاطنة على سفوح الجبال المطلة عن قرية الدوار ببلدية بني زيد، أقصى غرب ولاية سكيكدة، نضالها بحثا عن أبواب الرزق الكريم لإعالة عائلتها المكونة من 5 أفراد، 3 أولاد لم يصلوا سن الشغل، هو مشهد غير مألوف في سكيكدة، بأن ترى امرأة تتابع خلايا النحل المتلاصقة والمتراصة وتقوم بتنظيفها وترتيبها والعمل على صيانتها للوقاية من الأمراض وصولا إلى قطف العسل، رغم أنها لم تسلم من لسعات النحل الغادرة التي تتسرب من تحت الملابس أو من فوقها أو من القفازات، حيث كان جلدها يحمر ويتورم قليلًا كل يوم بعد لسعة نحلة، وتقول ومع مرور الوقت أعتدت على ذلك، وأصبح من ضمن عملي، وأصبح النحل جزء من حياتي، وتولدت بيني وبينه محبة وألفة، وأتنقل في المنحل يوميا لوضع الغذاء للنحل وتفقد الخلايا من وجود الملكة، والبيض، ووضع له المضاد الحيوي المخلوط بالسكر الناعم لوقايته من الأمراض دون خوف وبكل ثقة، لكن هذه اللسعات على تعددها واختلاف أماكنها زادتها إصرارا على الاستمرار والنجاح في هذه المهنة التي كانت ومازالت حكرا على الرجال، لتثبت لهم أن المرأة قادرة على حمل المسؤولية والدخول في مشروع يهابه الرجال ، جدتي عقيلة تروي لنا فكرة تربية النحل حيث أرجعت ذاكرتها إلى الوراء قائلة كنت أساعد الوالدة التي سبقتني إليها بمنطقة المساسخة بدائرة القل، وتقول لم أتلقى تكوينا، لكي أتعلم كيفية تربية النحل والتعامل معها، وكنا نجمع الخلايا التقليدية من الغابات المجاورة لمسكننا، وأحببت هذه الحرفة مند سنة 1971 أي عندما بلغت سن الثانية عشرة، ولما توفيت الوالدة انقطعت عنها، ولكن بعد زواجي سنة 1995 وبسبب الحالة المزرية لزوجي العاجز عن توفير لقمة العيش، عاودني الحنين لحرفتي المفضلة تربية النحل، لأن الحاجة أم الاختراع كما يقولون، حيث عرضت الفكرة عليه فرحب بها، ولكنه قال لي انا عاجز ولكي الحرية في اختيار القرار، وشجعني كثيرا واشترى لي 10 صناديق نحل بمبلغ 20ألف دج، وكانت هناك مراهنة على نجاحي من قبل الجيران، خاصة الرجال، يقولون لن تنجح امرأة في تربية النحل، لكنني والحمد لله لقد نجحت تقول جدتي عقيلة والابتسامة ترتسم على وجهها، وتضيف أصبحوا بعد ذلك يتساءلون كيف نجحت؟، ومند ذلك الوقت وانا أشتغل في هذه الحرفة الشيقة، واستفدت بـ 10 صناديق نحل مملوءة في اطار الدعم الفلاحي، ولكن بسبب الأحوال الجوية ضاع منها 8 صناديق، وبقي لي القليل، منحة زوجي لم تكف للعيش الامر الذي دفعني للاشتغال في هذه المهنة لأعالج بها من مرض الربو الذي اعاني منه، لي طلبات كثيرة من مختلف ولايات الوطن، وحتى من الخارج، حيث أصبح عسل جبال الدوار مشهود له بجودته العالية على لسان كل انسان يعرفه، حيث تعرف جدتي عقيلة بملكة تربية النحل، موضحة أن العسل البري ذو جودة عالية لا يضاهيه أي عسل أخر، كما اعتبرتها مهنة وهواية لدى ارتبطت بالأرض وخيراتها، خاصة وأن جبال المصيف القلي حباها الله بالمقومات الطبيعية، مما جعلها مرتعا خصبا للنحل، جدتي عقيلة ترتدي يوميا الزي الأبيض كبياض قلبها الذي من شأنه أن يقي جسدها اللطيف من لسعات النحل، عندما تنطلق بين الخلايا لتفقدها، وتستعين بأدوات بدائية للغاية، تجعل من مهمتها أمرا صعبا للغاية، تتجول وسط الصناديق وهي تتمتم، هذا النحل شرس ولسعاته قوية، بهذه الكلمات، كانت تتحدث لنا، قائلة لقد تراجعت كميات الإنتاج بشكل كبير جداً هذا العام بسبب استمرار التقلبات الجوية التي لا تمكن النحل من القيام بالمهام الملقاة على عاتقها، بالإضافة إلى تراجع المساحات التي تنمو عليها الزهور، وغيرها من العوامل الطبيعية التي جعلت من مهنة تربية النحل لا تجدي نفعا خلال السنوات الاخيرة، زوجها الشيخ عمي بوزيد يرافق زوجته وكأنه ظلها، إنها تستعين بإبريق مخصص لإطلاق الدخان صوب خلايا النحل، وحتى لا تشعر بحالة من الغضب، وعندئذ ستكون مهمة تفقدها، صعبة للغاية، إذا ما شهدت الخلايا ثورة في صفوف النحل المدافع عنها، وتقول كدت أن أفقد حياتي حيث وقعت لي حادثة خطيرة حين أغمي علي، من شدة الدخان الكثيف لأنني مصابة بمرض الربو المزمن ولولا ابنتي لتوفيت، وفي المرة الثانية كنت لوحدي حيث أغمي علي أيضا، وأحسن ذكرى عندما كنت امتهن هذه المهنة مع والدتي أقدم لها يد المساعدة

اظهر المزيد

التحرير

موقع الفلاحة نيوز، أول موقع جزائري متخصص في متابعة الشأن الفلاحي في الجزائر، يشرف عليه طاقم صحفي متخصص.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *