حديث في الفلاحةموضوع ساخن

خارطة طريق القطاع الفلاحي في الجزائر.. هل سينجح الوزير حمداني!

في جوان الماضي، صادق مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، على خارطة طريق وزارة الفلاحة، كان قد تقدم بها الوزير عبد الحميد حمداني، في محاولة جادة من طرف القائمين على شؤون الدولة الجزائرية، إلى تنويع الصادرات خارج المحروقات، خاصة في ظل المردود الذي سجله القطاع الفلاحي برسم الموسم الفلاحي 2019/2020، حيث فاق الإنتاج الوطني في هذا القطاع الحيوي لأول مرة في تاريخ الجزائر الإنتاج الوطني من المحروقات الذي توقف في حدود الـ 23 مليار دولار، بينما بلغ الإنتاج الوطني في القطاع الفلاحي حوالي 24 مليار دولار.

أرقام دفعت برئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، للحديث على أن القطاع الفلاحي سيقود الاقتصاد الوطني، إلى جانب الصناعات التحويلية وإشراك المنظومة الجامعية في تحسين وتطوير هذه القطاعات، ذلك أن العالم يشهد تحولات متسارعة في عديد المجالات خارج قطاع المحروقات وتخلف البلاد عن اللحاق بهذا الركب لعقود، إضافةً إلى ما فرضه وباء كورونا من تحديات وتداعيات على المستوى الدولي، وتغير المفاهيم المتعلقة بالأمن من الأمن الصلب إلى الأمن اللّين، وهنا الحديث عن الأمن القومي الغذائي، الذي يبدو أنّ صُناع القرار في البلاد أصبحوا يدركونه جيدًا.

إصرار الوزير حمداني وتعنت المصالح الفلاحية في الولايات

يصر الوزير عبد الحميد حمداني، مند تعيينه على رأس القطاع الفلاحي في الجزائر، على الدفع بالقطاع نحو مراتب متقدمة، حيث أن الرجل ومند تنصيبه استنفر دائرته الوزارية من أجل إنجاح خارطة الطريق التي قدمها لدى مجلس الوزراء، الوزير حمداني، أدى زيارات إلى عدة ولايات تشهد حراكًا فلاحيًا بامتياز، مشددًا على ضرورة تطبيق تعليمات الرئيس وتوجيهاته، خاصة ما تعلق منها بربط المحيطات الفلاحية بالكهرباء، فتح المسالك وحفر الآبار.

مشاكل تراكمية ميزت المشهد العام في القطاع الفلاحي مند سنوات، لعل أبرزها غياب الكهرباء الفلاحية في الكثير من ولايات الوطن، إضافةً إلى مشكلة مياه السقي، دفعت بالوزير إلى إصدار تعليمة مشتركة مع وزارة الداخلية ووزارة الموارد المائية، من أجل رفع العراقيل البيروقراطية التي تقف عائقًا أمام حفر الآبار.

غير أن توجيهات الوزير، تصطدم بمنظومة بيروقراطية قائمة في مصالحه المنتشرة عبر ولايات الوطن، حيث لا يزال الفكر البيروقراطي المتمثل في التعنت والمماطلة من جهة، وضعف تكوين الإطارات الفلاحية في الولايات من جهة أخرى، أحد سمات القطاع الفلاحي في الجزائر، وهي دعوة صريحة إلى النظر في هذه المنظومة التي قد تعرقل طموح الدولة وإصرار الوزير.

الحبوب والزراعات الكبرى رهان دولة

تُراهن الدولة الجزائرية وعبر مخطط وزارة الفلاحة الذي يمتد إلى العام 2024، على تقليص نسبة الواردات من الحبوب التي بلغت حدود الـ 28 مليون طن سنويًا، والتي تُكلف الخزينة العموميّة أموالا طائلة تعدت عتبة الـ 9 مليار دولار سنويًا حسب أرقام شبه رسمية، فيما يتعدى الاستهلاك الوطني من هذه المادة الاستراتيجية قرابة الـ 200 كغ سنويًا بالنسبة للفرد الواحد، غير أن هذا الرقم يبقى قابلا للزيّادة والنقصان بسبب غياب الاحصائيات الرسميّة.

تقليص واردات الجزائر من الحبوب، سيؤدي حتما إلى انعاش الخزينة العمومية بعض الشيء في ظل الأزمة الاقتصاديّة التي تعيشها البلاد، عبر توسيع المساحات المخصصة للحبوب ورفع معدل الانتاج في الهكتار الواحد من حدود الـ 50 قنطار إلى أكثر من 90 قنطار في الهكتار، وهو تحدي كبير يخضع لعوامل عدة أهمها العامل التكنولوجي في مجال المرافقة والمتابعة التقنية، وتطوير منظومة السقي التكميلي، إلى جانب رفع مُستوى التكوين لدى الفلاحين العاملين في المجال.

عوامل أخرى قد تُساهم في رفع الإنتاج في مجال الحبوب، إلى جانب استعمال التكنولوجيات المتطورة ورفع مستوى التكوين، تبرز قضايا الفساد التي تتعلق بالحبوب في الوحدات التابعة للديوان الجزائري والمطاحن عبر الولايات، كملف شائك يجب معالجته فورا لضبط الأرقام الحقيقية من الاحتياجات لهذه المادة الحيويّة، حيث تضيع الأرقام وسط تلاعبات في وحدات الديوان والمطاحن جعلت من ضبط رقم الاستهلاك الوطني صعبا جدا، فمحاربة الفساد أولوية قصوى لنجاح القطاع.

الحماية الاجتماعية والقانون الأساسي للعاملين في القطاع

رغم المساعي الحثيثة التي يبدلها الرجل الأول في القطاع الفلاحي عبد الحميد حمداني، في سبيل رفع العراقيل البيروقراطية وتدليل الصعوبات، إلا أن بعض الملفات لا تزال ساكنة تحتاج إلى ديناميكية وحركية من أجل تسريع معالجتها، خاصة ما تعلق بنظام الحماية الاجتماعية للفلاحين والعاملين في القطاع الحيوي، إلى جانب القانون الأساسي الذي ينتظر التجسيد حتى يُعطي القيمة والمكانة الحقيقية لإطارات القطاع في الولايات.

إلى جانب هذه الملفات، يتمظهر ملف آخر على مستوى كبير من الحساسيّة والأهميّة، وهو ملف التغيرات المستمرة على رأس القطاع، حيث تؤدي هذه الحركيّة إلى تغيير الكثير من الخطط والبرامج مما يسبب صعوبة في الانتقال من برامج لأخرى في الوسط الفلاحي، فالقاعدة تقول أن الاستقرار أحد أهم العوامل التي تُساعد على النجاح وتحقيق نسب مشجعة في الأهداف المسطرة، فهل سينجح عبد الحميد حمداني ودائرته الوزارية في جعل القطاع الفلاحي، قطاع الاقلاع الاقتصاد الوطني.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *