مساهمات وأراءموضوع ساخن

ثورة السوافة!

هذه أضخم حبة بطاطا أراها في حياتي، تزن أربعة كيلوغرام، نتيجة تجربة قامت بها فلاحة شابة من حاسي خليفة بولاية الوادي شهورًا بعد تخرجها من معهد الفلاحة.

زرت وفاء خلايفة (21 سنة) العام الماضي لما كانت طالبة، وكان حجم البطاطا أقل، لكنه تضاعف هذا الموسم دون أسمدة، فقط بروث الأغنام، وعن طريق تعديلات قامت بها على مشروعها القائم على (الزراعة المتجانسة) وهي تجربة فريدة يمكن أن تحدث ثورة في عالم الزراعة.

قامت هذا العام بتجربة الباذنجان فكانت الحبة تزن كيلوغرامًا وأكثر، وزرعت القناوية (البامية) وكان حجمها ضخمًا، أما الفول السوداني فيتجاوز حجم السبابة، كما جربت الفاصوليا السوداء (أراها لأول مرة) وغيرها من التجارب الأخرى.
زرت وادي سوف عدة مرات، الجميل فيها هم أهلها الرائعون فالمدينة ليست مهيئة ولا جميلة، منطقة تحيط بها الكثبان الرملية من كل مكان، بيئة قاسية، لا مصانع ولا ورشات ولا وظيفة عمومية تنتظر المتخرجين من الجامعات.

لم ينتظر السوفي الوظيفة ولا الراتب الشهري، شمر عن ساعديه وقرر خدمة الأرض وإن كانت كثبانًا رملية عالية، لم تكن منطقة فلاحية قبل 20 سنة، لكنها اليوم جنة عظيمة تطعم بلدًا بأكمله، بفضل سواعد الرجال وإيمانهم بقيمة العمل وإخلاصهم فيه.

بالإضافة إلى ما نعرفه من عن قصص النجاح وهي بالآلاف، هناك قصص لم أرها سوى في وادي سوف، أحدهم في منطقة بلا كهرباء يسقي محاصيله بالطاقة الشمسية، هذا يزرع فاكهة “البابايا” والآخر يقوم بتجارب لأجل زراعة الموز وشخص يتحدى الطبيعة لأجل زراعة البن، ومتقاعد نواحي ورماس أنجح زراعة قصب السكري وشاب يقوم بتجربة رائدة في تربية ذبابة الجندي الأسود وغير ذلك كثير من القصص التي لم أسمع بها سوى في هذه المنطقة.

الطبيعة تلعب دورًا هامًا في ثورة أهل وادي سوف، من ينشأ في بيئة صعبة ينشأ باستعداد فطري للمقاومة والمواجهة والصدام مع الظروف والتغلب عليها، السوافة تغلبوا على ظروف الطبيعية وصاروا ناجحين وأثرياء، شبان يملكون الملايير بعد أن فهموا أن الحياة هي مغامرة عظيمة، وقد قيل قديمًا لمن تردد في ركوب صهوة حصان “اللي خاف الطيحات ما ركب”.

نجم الدين سيدي عثمان

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *