مساهمات وأراءموضوع ساخن

تحدّ بطعم السكر….يكتب جلال نكار

هذا ردي على كل من يريد إيهام الجزائريين بأن إنتاج السكر في الجزائر مشروع فاشل مسبقا و غير ممكن ، اراء علمية و تجارب ميدانية تؤكد أن زراعة الشمندر السكري في الجزائر لوحدها تمكننا من تحقيق الاكتفاء الذاتي في مادة السكر و الاستغناء عن التصدير – و هذا ما لا يعجب البارونات – ؛ صحيح هو تحدٍ صعب لكنه تحقيقه حلو مثل مذاق السكر ..

————————————————————————–

تحدّ بطعم السكر …

تعتبر الجزائر من أكبر مستوردي السكر عالميا حيث تستورد سنويا ما يربو عن 1.8 مليون طن بفاتورة تقارب المليار دولار إذ تستورد كل حاجيات الاستهلاك المحلي دون إنتاج ولا كيلوغرام في الجزائر رغم أنه كانت هناك تجارب في السابق و رغم الظروف المواتية لذلك لكن بقيت الجزائر بلدا مستوردا للسكر بفاتورة ضخمة تثقل كاهل الاقتصاد الوطني فيما يعتبر معدل الاستهلاك المحلي مبالغا فيه حيث يبلغ حوالي 40 كغ للفرد الواحد في السنة بينما المعدل العالمي يكون في حدود 25 كغ في السنة للفرد .
إذا كان قصب السكر منتوجا استوائيا يحتاج لظروف معينة لكي يزرع فإن مناخ الجزائر ملائم جدا لزراعة الشمندر السكري حيث يعتبر هذا الأخير ثاني مصدر للسكر الأبيض في العالم بنسبة 30% بينما يستخرج 60% من قصب السكر و تتوزع النسبة المتبقية على بعض المنتجات الأخرى مثل التمور .
ورغم أن هناك انخفاضًا طفيفًا في الطلب على السكر بسبب الاتجاه العالمي نحو الأغذية الصحية، والمخاوف من مخاطر السكر والسمنة، إلا أن السكر مازال يُنتج بكميات هائلة تفوق 180 مليون طن سنويا في العالم ، تتصدر البرازيل إنتاجه بحالته النهائية بحوالي 40 مليون طن سنويا تليها الهند ب 35 مليون طن و هما بلدان استوائيان يستخرجان أغلب السكر من القصب و باعتبار الكثافة السكانية للهند فإن البرازيل يعتبر أكبر مصدر للسكر في العالم حيث تحتكر 40% من سوق السكر لكن الدول الأوروبية تنتج أغلب سكرها من الشمندر حيث تتصدر روسيا قائمة الدول المنتجة له في حالته الطازجة ب 50 مليون طن و فرنسا ب 36 مليون طن سنويا .
إنتاج الشمندر يناسب مناخ و تربة الجزائر
كانت هناك محاولات في السبعينيات لإنتاج السكر لكن سرعان ما وأدت بداعي ضعف الإنتاج و عدم الجدوى الاقتصادية ، لكن مع توجه الجزائر نحو اعتماد الفلاحة كبديل لاقتصاد الريع و تصريحات رئيس الجمهورية الذي أكد عدة مرات على توجه الجزائر نحو الزراعات الإستراتيجية و منها الشمندر السكري ضمن المخطط الخماسي الذي سطرته الحكومة 2020-2024 عاد الحديث عن إنتاج السكر محليا خاصة مع تعالي أصوات اخرى تقول أن إنتاجه محليا غير ممكن .
و في هذا الصدد أكد رئيس الغرفة الفلاحية لولاية الوادي المهندس أحمد عاشور “للخبر” أن إنتاج الشمندر السكري مشروع ناجح و بتطويره نستطيع إنتاج مادة السكر ناهيك عن الفوائد الأخرى من مخلفاته حيث انطلق التجارب بولاية الوادي و هناك 15 موقع تجارب اليوم في الولاية ويمكن القول أنها زراعة ناجحة تقنيا و اقتصاديا – يضيف المتحدث – بالإضافة إلى المردودية الكبيرة التي حققتها أراضي وادي سوف بما يقارب 1000 قنطار في الهكتار و تخلف أوراقه أعلافا ذات قيمة غذائية عالية ينافس البرسيم ( الفصة ) كما يستخرج منه الدبس و هي مادة أولية تستخدم في العديد من الصناعات الميكروبيولوجية مثل إنتاج كحول الايثانول و خميرة الخبز و حمض الليمون بالإضافة إلى استخدام زبد المصافي كأسمدة عضوية للنباتات .
و في ذات السياق أكد السيد عاشور أن الشمندر يتحمل نوعية التربة ذات نسبة ملوحة مرتفعة بين 5 و 7 غ في اللتر و بذلك لن تكون زراعة الشمندر منافسة للزراعات التقليدية الأخرى التي لا تتحمل نسبة ملوحة عالية و منها البطاطا و تعتبر الأراضي ذات الملوحة العالية غير خصبة لكنها مناسبة لزراعة الشمندر سواء في التربة الكلسية ، الرملية أو الطينية كما تعتبر من الزراعات المنظفة للتربة .
و حول استهلاك المياه أوضح المتحدث أن زراعة الشمندر تستهلك كمية مياه معتدلة مثل البصل و الثوم و لا تهدد الثروة المائية مثلما يشاع حيث يستهلك الهكتار الواحد من 10 آلاف إلى 12 ألف متر مكعب و يستخدم فيها تقنية الري بالتقطير و إذا احتسبنا عديد المواد الأولية التي ينتجها الشمندر فيمكن القول أنه استهلاك معتدل و ليس مفرط و أضاف المتحدث أن أحسن موسم لزراعة الشمندر في المنطقة هو منتصف شهر سبتمبر و تدوم مدة الدورة الزراعية من 5 إلى 6 أشهر .
تحقيق الاكتفاء الذاتي في مادة السكر ممكن
تحتاج مثل هذه الزراعات الموجهة للتحويل الصناعي إلى خطة إنتاج متكاملة من زراعة و تصنيع و تسويق ، لذلك أكدت الحكومة أن زراعة الشمندر ستدخل ضمن المحاصيل الإستراتيجية التي تهدف إلى تطويرها من خلال ديوان تطوير الزراعات الصناعية و تشجيع المستثمرين على الدخول في خط التحويل من خلال مصانع تكرير تكون قريبة من أقطاب الإنتاج و في هذا الصدد أكد رئيس المنظمة الوطنية للمؤسسات و الحرف السيد مصطفى روباين أن هناك مستثمرين مستعدين لدخول خط التحويل و حتى الإنتاج مشددا في ذات الوقت على ضرورة تكوين المستثمرين في هذا الميدان الجديد في الجزائر كما أردف ذات المتحدث أن تحقيق الاكتفاء الذاتي في الجزائر ممكن كما أن إنتاج السكر محليا يرجع بالفائدة على الاقتصاد الوطني من خلال تحقيق الاكتفاء وتقليص فاتورة الاستيراد بالإضافة إلى خلق مناصب شغل .
نحتاج في الجزائر لزراعة 100 ألف هكتار من الشمندر السكري مما ينتج 8 مليون طن على الأقل يمكن استخراج 1.5 مليون طن من مادة السكر منه فحسب التجارب التي أجريت في الجزائر فالشمندر غني بالمادة السكرية و يمكنه تحقيق نسبة 19% من السكر و هو أعلى من المعدل العالمي حيث تشترط المصانع مانسبته 16% على الأقل من نسبة السكر في المنتوج و هو ما يعد أفضلية للشمندر الجزائري و لإنجاح دورة التحويل يجب أن تكون هناك التفاتة لدور المكننة في اقتصاد التكاليف فانتاج الشمندر ممكن باستعمال الآلات في كل الدورة الزراعية من حرث و زرع و معالجة و جني كما أن الاعتماد على الزراعة التعاقدية تمكن من ضبط السوق بين المزارعين و المصنعين و هو ما يعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني و الأمن الغذائي للجزائرهو ليس مستحيلا و يمكن رفع التحدي ليكون تحد صعب لكنه حلو كطعم السكر

نكار جلال

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *