الوطنيمساهمات وأراءموضوع ساخن

باخرة القمح المسموم.. تفتح النقاش حول مدى قدرة الجزائر على أمننة الغذاء!

أعادت فضيحة القمح المسموم المستورد من ليتوانيا، والتي تم إنهاء مهام مدير ديوان الجزائر للحبوب، النقاش لدى الرأي العام وخبراء في المجال، حول مدى قدرة الجزائر على التخلص من التبعية الغذائية وتحقيق الأمن الغذائي، خاصة في ظل توفر الجزائر على امكانات وقدرات مادية وبشرية هائلة، منها العنصر البشري والأرض، أهم عنصريين في بعث الحضارة إضافة إلى عامل الوقت، قادرة على تحقيق قفزة نوعية في القطاع الفلاحي الذي بدأ ينتعش في الآونة الأخيرة.

أمننة  الغذاء أو الأمن الغذائي، الذي تعتبره  المدارس الفكرية والسياسية عنصر من عناصر السيادة الوطنية، تعددت المفاهيم والهدف واحد، هو التخلص من التبعية التي لا تزال تتحكم في قوت الجزائريين، عبر خطط ومعالم استراتيجية على المدى القريب والمتوسط، بإشراك كل الخبراء، الباحثين والفاعلين في القطاع الفلاحي على وجه الخصوص، وهي دعوة صريحة لإنجاح خارطة طريق وزارة الفلاحة 2020/2024 التي صادق عليها مجلس الوزراء في شهر جوان الماضي، والتي انطلقت فعليا ابتداءً من هذا الموسم الفلاحي.

ارقام صادمة.. سباق دولي محموم .. لكن الأمل يبقى قائم

احتياجات الجزائر من القمح، واحتلالها المركز الرابع عالميًا والثالث عربيًا من بين الدول المستوردة والمستهلكة للقمح، أسالت لعاب دول كبرى من أجل السيطرة على المناقصات الدولية التي تطرحها الجزائر لشراء القمح، حيث كان القمح الفرنسي يشكل نسبة 15 بالمئة من كميات القمح التي تستوردها الجزائر، قررت هذه الأخيرة تنويع مصادر الاستيراد من دول أخرى، على غرار كندا وروسيا، خوفا من تحول هذه المادة الاستراتيجية إلى ورقة ضغط وتفاوض وتحكم في مصير الدولة الجزائرية بيد دولة واحدة.

تشير مصادر رسمية إلى أن، احتياجات الجزائر من القمح بلغت حوالي 12 مليون طن من هذه المادة الاستراتيجية، لتحتل المرتبة الرابعة عالميا من بين الدول المستوردة للقمح، بقيمة تبلغ حوالي 9 مليار دولار، وقد لجأت الجزائر إلى تنويع مصادر التوريد من أجل إنهاء وصاية دولة واحد على مصير وقوت الجزائريين، كما يبلغ الاستهلاك الفردي من القمح لدى المواطن الجزائري قرابة الـ 100 كغ سنويا وهو ضعف النسبة في دول الاتحاد الأوربي، وثلاث أضعافها في سائر دول العالم.

كما تقول نفس المصادر، أن احتياطات البلاد من التخزين في هذه المادة لا تتجاوز عتبة الثلاثة أشهر، في ظل غياب آليات وطرق التخزين، الأمر الذي يؤدي بنا للحديث عن 36 مخزنا باشرت الدولة في انجازها عبر مناطق مختلفة من الوطن، من أجل رفع قدراتها من التخزين، إلا أن العملية عرفت تأخرا كبيرا، بفعل التجاوزات والتلاعبات المفضوحة التي عرفتها ورشات الانجاز، التي كبدت الخزينة العمومية أموالا طائلة من دون تحقيق الهدف المرجو منها، فهل هناك أطرافًا داخلية لا تريد للجزائر تحقيق أمنها الغذائي؟.

ورغم هذه الأرقام الصادمة، إلا أن الجزائر بإمكانها تحقيق الأمن الغذائي في مجال القمح، خاصة في ظل امتلاك الجزائر لقدرات هائلة لعل أهمها توفر العناصر الثلاث الأساسية لتحقيق أي نهضة، متمثلة في العنصر البشري، عنصر الأرض والعنصر البشري، حيث تملك الجزائر عددا كبيرا من الخبراء والمهندسين في المجال، إضافة إلى حيازة الجزائر على مساحات واسعة من الأراضي الصالحة للزراعة، وتلك التي يمكن استصلاحها،   وقدرة الجزائر على زراعة القمح مرتين في السنة بسبب المناخ الملائم في الهضاب والجنوب حسب تصريحات الخبراء.

وزارة الفلاحة..  تحديات ورهانات.. ارفعوا القيود البيروقراطية

المتتبع للنشاط الفلاحي في الجزائر، يرى بوضوح المجهودات التي تبدلها الدولة الجزائرية  تبدلها في سبيل ترقية وتطوير القطاع، أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في تصريحات متعددة عن التوجه الاقتصادي الجديد للدولة والذي يُراهن على منظومة فلاحية قادرة على قيادة وانعاش الاقتصاد الوطني، وأضاف الرئيس أيضًا، أنه في سبيل ذلك تعمد الدولة إلى تقديم كل التسهيلات والاجراءات التي من شأنها أن تخفف من القيود البيروقراطية، التي ظلت السمة الأساسية للقطاع في سنوات خلت.

الرجل الأول في القطاع، عبد الحميد حمداني، شدد في تصريحات سابقة على ضرورة رفع القيود البيروقراطية عن المستثمرين في المجال الفلاحي، كما أكد الوزير حمداني، على أهمية إبداع الشباب في المنظومة الفلاحية نظرًا لتوفر عنصري القوة والصبر كعنصرين اساسيين لتطوير القطاع الفلاحي، داعيًا في نفس الوقت جميع اطارات الوزارة ومصالحها عبر مختلف ولايات الوطن، تقديم كل التسهيلات التي من شأنها أن تعزز وترفع من مردودية الإنتاج في كافة الشعب الفلاحية وخاصة شعبة الحبوب.

زيارات ميدانية، قادته إلى مختلف أنحاء البلاد، أعلن خلالها عن قرارات هامة في صالح الفلاحين، منها ما تعلق بتزويد المستثمرات الفلاحية بالربط بالكهرباء الفلاحية، أضافةً إلى توقيعه رفقة وزري الموارد المائية والداخلية، على تعليمة مشتركة تقضي برفع كافة أشكال القيود عن حبر الآبار وتجديدها، إلى جانب رفع تقرير مفصل حول سير العملية لصالح الوزارة التي بدورها ستضعه أمام مصالح الوزارة الأولى، تنفيذا لمخرجات الاجتماع الوزاري المصغر الذي عقد بحر الاسبوع الماضي.

ورغم هذه الاجراءات والتحركات الميدانية، من أجل تعزيز المنظومة الفلاحية في البلاد، إلا أن العمل لا يزال طويلًا ويتطلب تكثيفًا للجهود وتنسيقًا عاليًا بين مختلف القطاعات، وأهم قطاعين هما مصالح الموارد المائية ومصالح سونلغاز، اللذان يجب أن يرافقا بجد تحديات الدولة الجزائرية الرامية إلى تحقيق الامن الغذائي للجزائريين، إضافة إلى فتح ورشات تكوينية للعاملين في القطاع الفلاحي، خاصة المصالح الفلاحية في الولايات والفلاحين، ومحاسبة المتقاعسين والذين ثبت في حقهم تعطيل عجلة القطاع عبر أطر قانونية وتشريعات توضع خصيصًا لذلك.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *