الوطنيمساهمات وأراء

باحث جزائري يقترح حلول عملية لاستغلال المياه الجوفية

يقول الله تعالى بعد بسم الله الرحمان الرحيم : وجعلنا من الماء كل شيء ولما كان الماء هو الحياة فلا بد للإنسان التفكير في ضمان ديمومة هذا العنصر الحيوي عبر العصور، فالجزائر بحسب موقعها الجغرافي وامتدادها الواسع من الشمال الى الجنوب ومن الغرب الى الشرق وبحكم تنوع تضاريسها من جبال وسهوب وصحراء، اضافة الى تنوع اقاليمها المناخية ومع أن ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الارض وتزايدها من عام لأخر ادى بالضرورة الى تذبذب التساقط من امطار وثلوج مصدر المياه السطحية خاصة بالمناطق الداخلية والصحراوية وحتى ولايات الشريط الساحلي لو درسنا ميدانيا مجاري مياه الاودية الداخلية التي منها:

  الادوية الشمالية التي تصب في البحر

تنبع من التساقط على سلسلة الاطلس التلي والتي تصب في البحر ومثال ذلك وادي جمعة بالجزائر العاصمة الذي يمر بعدة بلديات ليصب بالبحر بالحراش لوجدنا جل الماء المتدفق غير مستغل ويشكل خطرا على السكان من فيضانات وغيرها، ومثال ذلك على كل الولايات الساحلية.

 الاودية الداخلية التي تصب في الاحواض والشطوط: ومنها نوعان

اودية مصدر مياهها التساقط بأعالي السفوح الجبلية الجنوبية  بسلسلة الاطلس التلي كوادي التلاغمة

اودية مصدر مياهها التساقط بأعالي السفوح الجبلية الشمالية بسلسلة الاطلس الصحراوي كوادي القصب

 الاودية التي تصب في شطوط الصحراء

هي اودية مصدر نبعها السفوح الجبلية الجنوبية  لسلسة الاطلس الصحراوي وتصب في الشطوط الصحراوية وتغوص في الرمال ، نذكر منها وادي الجدي الذي يصب بشط ملغيغ  بمنطقة وادي ريغ، ولها خاصية بطول امتدادها والكمية الكبيرة جدا من التدفق وهذا موضوع التقرير.

إن الاودية بالجزائر لها خاصية النفاذية بحكم تكوين الاودية من الداخل حيث يوجد الحصى والرمل مما يساعد على تدفق الماء بأعماق الارض ومن ثم تدعيم المياه الجوفية ، لكن معظم الاودية بالجزائر غير منتظمة الجريان مما يجعل الماء يضيع اما بالبحر او بأحواض وشطوط تسمح بتبخره اكثر مما تدفقه بأعماق الارض رغم ان الدولة وضعت عدة مشاريع لبناء سدود كبيرة الحجم كسد بني هارون وغيرها وهي مشكورة على ذلك.

لكن مع عدم انتظام التساقط بالجزائر وعدم القدرة على التحكم الجيد في منسوب المياه المتدفقة خاصة ان الاحتباس الحراري يسبب مغياثية كبيرة في فترة زمنية قصيرة جدا، مما يجعل عدم استفادتنا من المياه وتضيع في الشطوط وعمق الصحراء خاصة بالجهة الجنوبية الشرقية للوطن واخص بالذكر هنا كلا من ولايات المسيلة، بسكرة، جنوب ولاية خنشلة وجنوب ولاية تبسة، حيث ان مياه الاودية هنا تضيع سدى وفي بعض الاحيان يستفيد منها جيراننا.

بعد كل ما سبق اليكم الحلول التي نراها فعالة والمجدية لإعادة الاعتبار للمياه الجوفية من خلال اخذ التدابير الاتية ذكرها:

1_ وضع حواجز مائية متعددة ومتكررة من مكان لأخر (مصطبات مائية) على طول مجاري الاودية، خاصة في المناطق التي بها الحصى والرمال والتربة النفوذة، هذه الاخيرة يكون حجمها متوسط الى صغير حيث بتجمع الماء نضمن رطوبة بالجو ومصدر مياه فعلي يستغل للسقي الفلاحي وكذا مياه الشروب بعد المعالجة والتصفية، كما ان حجز الماء من بقعة الى اخرى بالوادي وتكراره يؤدي بالضرورة الى تغذية المياه الجوفية على المدى المتوسط والسريع، وللعلم فان الابار التي توجد قرب الاودية تعطي فعالية في مخزون مياهها وبصورة سريعة وهذا الامر نلاحظه عندما يكون التساقط متكرر ومنتظم .

2_ وضع جيوب سطحية ارضية (احواض مائية عميقة) في وسط الاودية بشكل مائل نوعا ما باتجاه السيلان، هذه الجيوب تكون كالحفر العميقة والكبيرة لحجز اكبر كمية ممكنة من التدفق، وهذه الجيوب تكون متكررة من مكان الى اخر على مجرى الوادي بداية من الروافد ونهاية بالمصب الاخير للوادي.

3_ وضع سدود صغيرة الى متوسطة الحجم خاصة بروافد الاودية الموجودة بالجبال والغابات، لضمان مخزون مائي بخصوص الحياة الايكولوجية للغابة، وضمان حياة للحيوانات والطيور خاصة، اضافة الى استغلال هذه المياه عند الحاجة خاصة في حرائق الغابات صيفا، واستغلالها من طرف الفلاحين وسكان مداشر المناطق الجبلية لزيادة الرعي والفلاحة، وتربية النحل وغيرها…

4_ ان بناء السدود الصغيرة والمتوسطة لا يكلف الدولة وسائل وامكانيات مالية  وبشرية كبيرة، سوى تسخير للوسائل المتاحة لكل ولاية على حدى او تعاون ما بين الولايات، لان الاغلفة المالية الكبيرة في بناء السدود الكبيرة مع مدة الانجاز الطويلة التي تستغرق عقود في بعض الاحيان يجعل مردود السدود على مدى بعيد اضافة الى صعوبة صيانة السدود والتسيير  وحتى التنظيف من الاوحال مكلفة جدا.

5_ يعتبر هذا الطرح قابل للإثراء عبر كافة خبرات الموارد البشرية عبر القطر الوطني، خاصة المتعلق بالدراسة التقنية والمالية لتجسيده في ارض الميدان، ووجب تدخل كل هياكل الدولة دون استثناء بالنهوض بالثورة الزراعية الحقيقية وتحقيق الاكتفاء الذاتي في الحبوب والبقوليات، لان الذهب الأزرق اي الماء مع الارض هما البديل عن الريع البترولي.

زهير النوي: باحث في علم الاجتماع

اظهر المزيد

‫2 تعليقات

  1. جزاك الله خيرًا أخي خالد على هذا الموضوع المُهمّ وبارك الله في هذا الباحث ، فكُلُّ قطرة ماء ، سواءً من الأمطار أو من المياه المُستعملة ، يجب أن تُسترجع وتُستغَلّ وتُجمَّع بطريقة ذكية وعقلانية بحيث لا تذهب إلى البحر… الجزائر فيها الماء الكثير بحمد وبركة الله ولكنّ سوء التسيير والإستغلال هو ما هلكنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *